الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
الثالث: لاهين.الرابع: ناعمين، حكى هذين التأويلين عليّ بن عيس.وروى عوف عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال ربكم عز وجل: وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمني في الدنيا أخفته يوم القيامة».{هل ثوِّب الكفارُ ما كانوا يَفْعَلونَ} هذا سؤال المؤمنين في الجنة عن الكفار حين فارقوهم، وفيه تأويلان:أحدهما: معناه هل أثيب الكفار ما كانوا يعلمون في الكفر، قاله قتادة.الثاني: هل جوزي الكفار على ما كانوا يفعلون، قاله مجاهد.فيكون {ثُوِّب} مأخوذاً من إعطاء الثواب.ويحتمل تأويلاً ثالثاً: أن يكون معناه هل رجع الكفار في الآخرة عن تكذيبهم في الدنيا على وجه التوبيخ، ويكون مأخوذاً من المثابِ الذي هو الرجوع، لا من الثواب الذي هو الجزاء، كما قال تعالى: {وإذا جعَلْنا البيتَ مثابةً للناس} أي مرجعاً.ويحتمل تأويلاً رابعاً: هل رجع من عذاب الكفار على ما كانوا يفعلون، لأنهم قد علموا أنهم عذبوا، وجاز أن يظنوا في كرم الله أنهم قد رحموا.
أي سمعوا.{وحُقّتْ} فيه وجهان:أحدهما: أطاعت، قاله الضحاك.الثاني: معناه حق لها أن تفعل ذلك، قاله قتادة، ومنه قول كثيّر: ويحتمل وجهاً ثالثاً: أنها جمعت، مأخوذ من اجتماع الحق على نافيه وحكى ابن الانباري أن {أذنت لربها وحقت} جواب القسم، والواو زائدة.{وإذا الأرضُ مُدَّتْ} فيها قولان:أحدهما: أن البيت كان قبل الأرض بألفي عام، فمدت الأرض من تحته، قاله ابن عمر.الثاني: أنها أرض القيامة، قاله مجاهد، وهو أشبه بسياق الكلام.وفي {مُدَّتْ} وجهان:أحدهما: سويت، فدكّت الجبال ويبست البحار، قاله السدي.الثاني: بسطت، قاله الضحاك، وروى عليّ بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مدّ الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدمه».{وأَلقْتْ ما فيها وتَخلّتْ} فيه وجهان:أحدهما: ألقت ما في بطنها من الموتى، وتخلت عمن على ظهرها من الأحياء، قاله ابن جبير.الثاني: ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها وتخلت مما على ظهرها من جبالها وبحارها، وهو معنى قول قتادة.ويحتمل ثالثاً: هو أعم، أنها ألقت ما استوعدت، وتخلت مما استحفظت لأن الله استودعها عباده أحياء وأمواتاً، واستحفظها بلاده مزارع وأقواتاً.{يا أيها الإنسانُ إنك كادحٌ إلى ربك كدْحاً فملاقيه} فيه قولان:أحدهما: إنك ساعٍ إلى ربك سعياً حتى تلاقي ربك، قاله يحيى بن سلام، ومنه قول الشاعر: أي أعمل للحياة. ويحتمل قولاً ثالثاً: أن الكادح هو الذي يكدح نفسه في الطلب إن تيسّر أو تعسّر.{فأمّا مَنْ أَوتي كِتابَه بيمينه} روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يعرض الناس ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وفي الثالثة تطير الكتب من الأيدي، فبين آخذٍ كتابه بيمينه، وبين آخذٍ كتابه بشماله».{فسوف يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً} وفي الحساب ثلاثة أقاويل:أحدها: يجازى على الحسنات ويتجاوز له عن السيئات، قاله الحسن.الثاني: ما رواه صفوان بن سليم عن عائشة قالت: سئل رسول الله عن الذي يحاسب حساباً يسيراً، فقال: «يعرف عمله ثم يتجاوز عنه، ولكن من نوقش الحساب فذلك هو الهالك».الثالث: أنه العرض، روى ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً} فقال: «ذلك العرض يا عائشة، من نوقش في الحساب يهلك».{وَيَنقَلِبُ إلى أهْلِه مَسْروراً} قال قتادة: إلى أهله الذين قد أعدهم الله له في الجنة.ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يريد أهله الذين كانوا له في الدنيا ليخبرهم بخلاصه وسلامته.{إنَّه ظَنَّ أن لن يَحُورَ} أي لن يرجع حياً مبعوثاً فيحاسب ثم يثاب أو يعاقب، يقال: حار يحور، إذا رجع، ومنه الحديث: «أعوذ بالله من الحْور بعد الكْور»، يعني من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة، وروي: «بعد الكوْن»، ومعناه انتشار الأمر بعد تمامه.وسئل معمر عن الحور بعد الكْون فقال: الرجل يكون صالحاً ثم يتحول امرء سوء.وقال ابن الأعرابي: الكُنْنّي: هو الذي يقول: كنت شاباً وكنت شجاعاً، والكاني: هو الذي يقول: كان لي مال وكنت أهب وكان لي خيل وكنت أركب، وأصل الحور الرجوع، قال لبيد: وقال عكرمة وداود بن أبي هند: يحور كلمة بالحبشية، ومعناها يرجع وقيل للقصار حواري لأن الثياب ترجع بعمله إلى البياض.{بلى إنّ ربّه كان به بَصيراً} يحتمل وجهين:أحدهما: مشاهداً لما كان عليه.الثاني: خبيراً بما يصير إليه.
الثاني: وما جَنّ وستر، قاله ابن عباس.الثالث: وما ساق، لأن ظلمة الليل تسوق كل شيء إلى مأواه، قاله عكرمة. الرابع: وما عمل فيه، قاله ابن جبير، وقال الشاعر: أي كالعامل.{والقَمَرِ إذا اتّسَق} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: إذا استوى، قاله ابن عباس، وقولهم اتسق الأمر إذا انتظم واستوى.قال الضحاك: ليلة أربع عشرة هي ليلة السواء.الثاني: والقمر إذا استدار، قاله عكرمة.الثالث: إذا اجتمع، قاله مجاهد، ومعانيها متقاربة.ويحتمل رابعاً: إذا طلع مضيئاً.{لَتَرْكَبُنَّ طُبقاً عَنِ طَبَقٍ} فيه سبعة تأويلات:أحدها: سماء بعد سماء، قاله ابن مسعود والشعبي.الثاني: حالاً بعد حال، فطيماً بعد رضيع وشيخاً بعد شاب، قاله عكرمة، ومنه قول الشاعر: الثالث: أمراً بعد أمر، رخاء بعد شدة، وشدة بعد رخاء، وغنى بعد فقر، وفقراً بعد غنى، وصحة بعد سقم، وسقماً بعد صحة، قاله الحسن.الرابع: منزلة بعد منزلة، قوم كانوا في الدنيا متضعين فارتفعوا في الآخرة، وقوم كانوا مرتفعين في الدنيا فاتضعوافي الآخرة، قاله سعيد بن جبير.الخامس: عملاً بعد عمل، يعمل الآخر عمل الأول، قاله السدي.السادس: الآخرة بعد الأولى، قاله ابن زيد.السابع: شدة بعد شدة، حياة ثم موت ثم بعث ثم جزاء، وفي كل حال من هذه شدة، وقد روى معناه جابر مرفوعاً.{واللهُ أعْلَمُ بما يُوعُونَ} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: بما يُسِرون في قلوبهم، قاله ابن عباس.الثاني: بما يكتمون من أفعالهم، قاله مجاهد.الثالث: بما يجمعون من سيئاتهم، مأخوذ من الوعاء الذي يجمع ما فيه وهو معنى قول ابن زيد.{فلهم أَجْرٌ غيرُ ممنون} فيه أربعة تأويلات:أحدها: غير محسوب، قاله مجاهد.الثاني: غير منقوص، قاله السدي.الثالث: غير مقطوع، قاله ابن عباس.الرابع: غير مكدّر بالمن والأذى، وهو معنى قول الحسن.
|